وخلال اعوام الحرب العالمية الثانية «1939 ـ 1945» ثم الاتفاق بين الدول المتحاربة على عدة اتفاقيات ومواثيق منها:

أ ـ الميثاق الثلاثي عام 1941.

تم الاتفاق على الميثاق الثلاثي في 27 ايلول عام 1941 من قبل المانيا وايطاليا واليابان وتضمن البنود التالية:

المادة الاولى: اعتراف اليابان لالمانيا وايطاليا بأقامة «نظام جديد» في اوروبا.

المادة الثانية: اعتراف المانيا وايطاليا لليابان بأقامة «نظام جديد» في الشرق الاقصى.

المادة الثالثة: تتعهد الدول الثلاثة بالتعاون من اجل اقامة النظامين الجديدين في اوروبا وآسيا الشرقية.

الدول الوحيدة التي لم تكن ضمن مخطط «النظام الجديد» لبقائها محايدة في الحرب الدائرة كانت: البرتغال، سويسرا، السويد وايرلندا.

ومع تطور احداث الحرب، هزم الجيش الالماني في ربيع 1945 ووقعت المانيا وثيقة الاستسلام في مدينة «رامس» دون قيد أو شرط في 8/5/1945.. وفي 6 آب 1945، القت القوات الجوية الاميركية اول قنبلة هيدروجينية على مدينة «هيروشيما» والثانية على مدينة «ناكازاكي» اليابانيتين في 19 آب 1945.. وفي الثاني من ايلول 1945 استسلمت اليابان وانتهت الحرب العالمية الثانية.

ب ـ مؤتمريالطا «عام 1945»

ضم هذا المؤتمر رزوفلت الرئيس الاميركي، تشرشل رئيس الوزراء البريطاني وستالين الرئيس السوفيتي وانعقد في يالطا بين المدة 4 و11 شباط من عام 1945. وقد قسم هذا المؤتمر ما عجز عن اقراره مؤتمر «دمبرتون اوكس Dumbarton Oaks» الذي عقد في تشرين الاول من عام 1944 حول انشاء منظمة الامم المتحدة وقضية التصويت في مجلس الامن. حيث تمت الموافقة باعطاء الدول الخمس الكبرى «حق النقض (الفيتو)». اما مسألة تمثيل الجمهوريات السوفيتية فقد اتفق على ابقاء عضوية الاتحاد السوفيتي في مجلس الامن واعطاء حق عضوية كل من اوكرانيا وروسيا البيضاء في منظمة الامم المتحدة.. وبحث المؤتمرون في مالطا القضية الالمانية ـ حيث وافقا على تقسيم المانيا إلى حصص لاميركا وبريطانيا وحصة صغيرة إلى فرنسا.

ج ـ مؤتمر بوتسدام Potsdam

عقد هذا المؤتمر في بوتسدام في تموز عام 1945 ويعد هذا المؤتمر من اهم المؤتمرات لانه عقد بين حدثين كبيرين هما: استسلام المانيا وقبيل استسلام اليابان، ومشاركة الرئيس الاميركي الجديد ترومان بعد موت روزفلت في 2/4/1945. ووضع هذا المؤتمر المبادىء التي يجب ان تكون الاساس في اي عملية صلح مع المانيا. وتتضمن المبادىء نزع السلاح الالماني، القضاء على النازية، نشر المبادىء الديمقراطية وتطبيق نظام اللامركزية.

وقد عقدت اجتماعات كثيرة بعد استسلام اليابان وانتهاء الحرب العالمية الثانية تمخضت في تقسيم الدول المنتصرة للغنائم فيما بينها، وحصلت الولايات المتحدة الاميركية على الجزء الاكبر من الحصة ويليها الاتحاد السوفيتي ثم بريطانيا ففرنسا..

وامتازت الولايات المتحدة، بانها الدولة الوحيدة التي خرجت من الحرب العالمية الثانية كقوة عسكرية عظيمة واقتصاد قوي، وانها لم تعان من الدمار والخراب الذي لحق ببريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي وغيرها من الدول الاوروبية. ولهذا تمكنت من بناء علائق خاصة مع الدول الاوروبية الغربية والهيمنة عليها من خلال طرحها لمشروع «مارشال» لاعادة بناء اوروبا..

ومن جانب آخر فقد هيمن الاتحاد السوفيتي على دول الجزء الشرقي من اوروبا وبدأ بتطبيق الاشتراكية كمرحلة اولى لتطبيق الشيوعية فيها.. ومن هنا برز معسكرين متناقضين في المتبنيات والوسائل هما:

1ـ معسكر شرقي يقوده الاتحاد السوفيتي مع دول اوروبية شرقية.

2ـ معسكر غربي تقوده الولايات المتحدة الاميركية مع دول اوروبية غربية.

وبدأ مع اتضاح عالم المعسكرين صراعاً جديداً، ولكنه قديم البدايات.

ظاهر الصراع هو ايديولوجي، حيث يدعو المعسكر الشرقي إلى الاشتراكية، والمعسكر الغربي إلى الرأسمالية.. وواقع الصراع هو حول مناطق النفوذ في العالم وحرب المصالح الاقتصادية..

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، نشبت بين المنتصرين من المعسكرين حرب كبيرة ولكنها لم تكن عبر الدبابات والطائرات أو الاسلحة الاخرى، وانما عبر الصراع الايديولوجي المتبطن الصراع على المصالح ومناطق النفوذ.. وسميت هذه الحرب بـ «الحرب الباردة».

وببروز الحرب الباردة، ظهر نظام دولي آخر، حيث بعد ان كانت دول اوروبا والمستعمرات مقسمة بين بريطانيا وفرنسا خلال حوالي ربع قرن تحول النفوذ إلى المعسكرين المنتصرين بعد الحرب العالمية الثانية..

ويمكن اعتبار نشوء منظمة الامم المتحدة في عام 1945 انتصاراً مهماً على صعيد صياغة قوانين حقوق الإنسان واتفاق الدول على اسس التعاون والترابط فيما بينها، وايجاد العلائق فيما يخص الوضع الدولي سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وبلورة حالة التفاهم بين الدول في المشتركات والمصالح.. ونقل الصراع العسكري الخطير إلى صراع سياسي في اروقة الامم المتحدة، ولكن هذا الانتصار لم يتمكن من القضاء على محورية التحرك الدولي لصالح القوى العظمى.(1)

ويحكم منظمة الامم المتحدة مجلس يسمى بـ «مجلس الامن الدولي» ويسيطر عليه خمسة دول تمتاز بحق النقض «الفيتو» وهذه الدول هي الولايات المتحدة الاميركية، المملكة المتحدة، فرنسا، الاتحاد السوفيتي والصين.

ولمنظمة الامم جمعية عامة، ليس فيها حق النقض، وقراراتها تتخذ بالاغلبية النسبية.

وصدر من الجمعية العامة للامم المتحدة في كانون الاول عام 1948، الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ضم 30 مادة حددت قوانين حقوق الإنسان  وقد وافق اكثر الدول الاعضاء في منظمة الامم المتحدة على هذه الوثيقة

____________________________________

1- حدث تغيير مفاجىء في الاتحاد السوفيتي بوفاة ستالين عام 1953، الذي كان قد شن حرباً كلامياً ضد الامبريالية ـ حيث انّه كان يريد على اساس الماركسية اللينينية نشر الاشتراكية في كل اوروبا واميركا.. ولو قدر الله بقاء ستالين على رأس الاتحاد السوفيتي لاشتعلت حرب عالمية ثالثة نتيجة لهيمنة ستالين وطريقته في الحكم والتعامل مع الاحداث.

 

المهمة. كما ان المنظمة اصدرت لحد الآن حوالي 61 صكاً وثائقياً يتعلق بشؤون حقوق الإنسان منها.

1ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

2ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

3ـ اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها.

4ـ الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع انواع التمييز العنصري.

5ـ البروتوكول الخاص بوضع اللاجئين.

6ـ اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانيّة

7ـ اعلان بشأن القضاء على جميع اشكال التعصب والتمييز القائمين على اساس الدين أو المعتقد.

8ـ اعلان بشأن المبادىء الاساسية الخاصة بأسهام وسائل الاعلام في دعم السلام والتفاهم وتعزيز حقوق الإنسان ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب.

9ـ مبادىء اساسية بشأن استقلال السلطة القضائية.

10ـ مبادىء التعاون الدولي في تعقب واعتقال وتسليم ومعاقبة الاشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة

11ـ اعلان بشأن حماية النساء والاطفال في حالات الطوارىء والمنازعات المسلحة.

وتنعكس اساليب الصراع ـ الحرب الباردة ـ بين المعسكرين في مجلس الامن.

حيث يمنع قرار النقض ـ الفيتو ـ صدور اي قرار ضد مصالح المتصارعين، أو ضد اي من الدول الخمس صاحبة «الفيتو». ونتيجة لذلك مر مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة بمخاضات عسيرة وكثيرة. كانت ضحاياها على الغالب الشعوب المستضعفة، وحالة حقوق الإنسان في دول العالم.

لقد سببت هذه الحالة بقاء الظلم وحالة العدوان في عدد من دول العالم. فالقرارات التي تصدر ضد الكيان الصهيوني «اسرائيل» لا تجد طريقها إلى التنفيذ، ولا تسلط اي من الضغوط عليها للاستجابة لمطاليب الامم المتحدة.

ونذكر هنا مثالين لقرارين اتخذهما مجلس الامن خلال عشرة اعوام تبين تناقض القرارين ووضح غلبة المصالح على حقوق الإنسان

الحرب التي بدأها صدام حسين على ايران في 22/9/80، تمكن بعد ستة ايام من احتلال 000/11 كيلومتر مربع من الاراضي الايرانية والسيطرة عليها واعلانه القبول بتسوية للنزاع الدائر بين العراق وايران. وبعد اعلان صدام حسين قبوله بالتسوية، قرر مجلس الامن في 28/9/1980 قراره المرقم 479 الذي طالب فيه وقف اطلاق النار وحل النزاع سلمياً، ولم يشر إلى ضرورة رجوع القوات العراقية إلى الحدود الدولية قبل بداية العدوان. وحين بدأ صدام حسين غزو الكويت في 2/8/1990 اصدر مجلس الامن قراره بعد ساعات قليلة ـ القرار المرقم 660 في 2/8/1990 ـ وطالب القرار وقف اطلاق النار والانسحاب الفوري للقوات العراقية إلى الحدود التي كانت فيها قبل بداية الغزو.. ولم يكتف مجلس الامن بذلك، اذ اصدر 23 قراراً آخر ضد حكومة صدام حسين خلال 14 شهرا «القرارات: 660، 661، 662، 664، 665، 666، 667، 669، 670، 674، 676، 678، 686، 687، 688، 689، 692، 699، 700، 705، 706، 797، 712، والقرار 715 صدر في 11/10/199». والملاحظ هو لان الحرب العراقية الايرانية متفق عليها من قبل دول «الفيتو» في مجلس الامن ويراد منها انتصار العراق على ايران لانها تخالفهم، فقد تم اسناد صدام حسين بشكل مطلق وتم اهمال الحرب وعدم الاهتمام باستغاثات حقوق الإنسان من جراء جرائم الحرب. واعترفت الامم المتحدة وجورج بوش بأن صدام حسين هو سبب العدوان بعد 10 سنوات من بداية الحرب. ولان غزو الكويت ضد مصلحة الولايات المتحدة واوروبا وجاء في فترة انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة، فان جميع القرارات اصدرت لتكون ضد العراق ونظامه.. والملاحظ من هذين المثالين بأن الاساس في اصدار القرارات هي مصلحة اميركا والدول الحليفة لها وليس لحقوق الإنسان والعدل وقوانين الامم المتحدة دوراً في ذلك.

الصراع الاميركي ـ السوفيتي «1945 ـ 1990»

الصراع الاميركي السوفيتي اشتد بمرور الزمن، واتخذ اسلوب التنافس في بناء المعدات العسكرية المتطورة وتكثيرها بين البلدين وفي صناعة الصواريخ النووية عابرة القارات والمركبات الفضائية وتطوير تقنية حرب النجوم، وتوزيع القواعد العسكرية بين البلدان الحليفة لكل منهما.

وبالنتيجة فان القاعدتين الرئيسيتين، الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، جابهتا ازمات اقتصادية كبيرة مما ادت بالاخير إلى سقوط الاتحاد السوفيتي وتفككه إلى عدة دول في حين ان الولايات المتحدة تمكنت من اجتياز مرحلة الانهيار الاقتصادي ولازالت تعاني من الازمات الاقتصادية الخانقة. ان تكدس الاسلحة وتحديث المعدات العسكرية برهنت على انها سياسة زائفة صرفت الدول الاموال الطائلة لها مما ادى إلى افقارها وتدميرها اقتصادياً، وبحلول عقد التسعينات اجتمع زعماء الدول الاوروبية الغربية والشرقية «32 دولة» اضافة إلى الولايات المتحدة وكندا في مؤتمر بباريس في 19/11/1990 ووقعوا على معاهدة خفض الاسلحة التقليدية في اوروبا من قبل قادة حلف وارسو والحلف الاطلسي وانهاء حالة «الحرب الباردة» بين المعسكرين واتفقوا على دخول عصر جديد من السلام والتعايش والاستقرار بين الامم ورعاية حقوق الإنسان في الدول.

وفي 1/7/1991 حُل حلف وارسو الذي شكلته دول الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي عام 1955.

وبأنهيار الاتحاد السوفيتي، وانتهاء الحرب الباردة التي دامت حوالي 45 عاما(1945 ـ 1990) تحول العالم إلى احادي القطب.

وبعد انتصار الولايات المتحدة وحلفائها على صدام حسين وارجاع الكويت في 28 شباط 1991، طرح الرئيس الاميركي الاسبق بوش مصطلح «النظام العالمي الجديد» امام الكونغرس في 5 آذار 1991. ودعا بوش الرأي العام العالمي إلى السير وفق ميثاق الامم المتحدة التي ترفض العدوان والحروب وتنص على حل المشاكل بالوسائل السلمية واحترام حرية الشعوب وارادتها وحقوق الإنسان والقيم الاخلاقية الاخرى.. وكذلك يركز الميثاق على عدم استغلال الدول أو ابتزازها اقتصادياً والى تحقيق العدالة في العالم.. وقد كرر الرئيس الاميركي الاسبق ذكر هذا المصطلح في خطبه التي تلت 5 آذار 1991 عدة مرات، وركز على ان الرئيس الاميركي لا ينوي ان يكون دور الولايات المتحدة الاميركية هو دور «البوليس الدولي».

 

الصفحة الرئيسية