المدنين في الحرب :

كانت الحرب تلقي بثقلها حتى على المدنيين. فمع تعرضهم للقصف والقتل والأسر فقد كانوا يعيشون في ترقب وخوف أو جوع وحرمان.

فأعلنت حالة الطواريء في البلاد، وفرضت السياسات الاقتصادية التي تحاول تجنيب البلاد الكوارث والأزمات.

قامت أمريكا على سبيل المثال بإنشاء مكتب يسمى مكتب إدارة الأسعار (OPA) وكان يتبعه ستون ألف موظف يقومون بمراقبة الأسعار في الأسواق وتنظيم الحصص على المدنيين.

كما تم فرض الضرائب الباهظة على المدنيين بينما كانت الأوضاع الاقتصادية في تدهور وانحدار.وأصبح كثير من الأمريكيين يدفعون ضريبة الدخل لأول مرة. وقبل الحرب كان مابين ثلاثة إلى أربعة ملايين أمريكي تؤخذ منهم ضريبة، وبحلول عام 1945 كان هناك 50 مليون أمريكي يدفعون الضرائب.

حتى الرياضة تأثرت واهتزت بفعل الحرب، فقد التحق قرابة أربعة آلاف من لاعبي البيسبول الأمريكيين المحترفين (من أصل 5700 لاعب) بالخدمة العسكرية

وغيرت الحرب من قناعات وتقاليد الشعوب، فأمريكا الرأسمالية كانت سياسة التسعير مرفوضة لكنها قبلت خلال فترة الحرب.

من جهة أخرى كانت المضايقات العنصرية تصلي المدنيين بنارها، فقد تضرر الأمريكيون ذوي الأصول اليابانية كثيراً بعد بيرل هاربر مع أن أكثر من ثلثيهم كانوا يحملون الجنسية الأمريكية ومع أن ولاءهم كان لأمريكا إلا أنه تم ترحيل قرابة 115ألف منهم إلى ملاجيء ومعسكرات خاصة بهم وحرموا من كثير من حقوقهم.

وظهرت اللوثات والأفكار الغريبة والشعوذة والسحر، فمثلاً قام مجموعة من الشباب والشابات بالتجمع في جنوب بريطانيا لتكوين ما سموه ب (قُمع القوة) وهم عراة تماما لإرسال إيحاء إلى هتلر يحذرونه بأنه لن يتمكن من عبور البحر وبأنه لن ينجح.

لكن القتل والتشريد والمعتقلات والدمار المادي كان من نصيب كافة الشعوب. ففي نهاية تحرير الأراضي الهولندية قام الألمان بإلحاق الدمار بهولندا، لقد فتحوا السدود ودمروا الموانيء، فكان نتيجة ذلك غرق 10% من الأراضي الصالحة للزراعة وغدا 3 ملايين إنسان بلا مأوى، وتدمرت كافة المنشآت الهامة (كالجسور والطرق والسدود..) ومات 200 ألف مدني من مختلف الأعمار في معسكرات الاعتقال. كما مات 25 ألف شخص من الجوع. لذلك لم ينس الهولنديون هذه المآسي بسرعة كغيرهم.

وتذكر بعض الإحصاءات أن الحرب العالمية الثانية قتلت من المدنين ضعف ما قتلت من الجند. كل ذلك بسبب التطوير في الدبابات والقاذفات التي سوت مدناً بالأرض.

والأمثلة البشعة كثيرة ومنها مدينة بيلغورود على البحر الأسود التي كان تعداد سكانها أربعة وثلاثون ألفاً في عام 1941، وفي عام 1943 لم يبق فيها سوى 140 نسمة. مع أنها مدينة لا أهمية عسكرية لها.

أما الجراحات والدمار فأكثر مما يحصى فقيل بأن نصف المدن والقرى تقريبا قد دمر، بل طالت الحرب حتى الحيوانات فهلك أو سرق سبعة ملايين حصاناً من أصل 12 مليون كانت في أوروبا.

 

 

 

الصفحة الرئيسية