قسوة الطبيعة في حرب روسيا :

 

بالنسبة للأرض المتجمدة بسبب الصقيع فإن الألمان قد فشلوا حتى في حفر قبور يدفنون فيها 70000 من رفاقهم .

هكذا اكتشف الألمان الصقيع الروسي الرهيب . بينما هتلر لمم يسبق له أن فكر جديًا في هذا الفصل لأن خيالاته هناك كانوا يلبسون في جو برودته 32 درجة ، على أن الشتاء رغم ذلك لم يلعب غير دور ثانوي في عملية التراجع أمام موسكو . وكان دور الشتاء كبيرًا في إحداث آلام شديدة عند الجنود الألمان خلال تراجعهم الأول على امتداد 100 كلم . إن حرب روسيا التي كانت تبدو للألمان سهلة يسيرة قد أصبحت فجأة أشبه بالكابوس ، فبينما خسر الألمان 156000 خلال انتصاراتهم في الغرب والتي استمرت 21 شهرًا إذا بهم يخسرون أكثر من مليون رجل خلال سبعة أشهر في معركتهم ضد الاتحاد السوفياتي .

 

وأرسلت التقارير يتلو بعضها بعضًا إلى قيادة الجيش العامة لإيقاف الهجوم الذي يجري بثياب صيفية وللمطالبة بإقامة مساكن شتوية . بعض هذه التقارير نقل من قيادة الجيش الأوسط إلى القيادة العامة عند الفوهرر . ولم نتلق أي جواب أو ما يشير إلى وصول هذه التقارير. لقد استمر الأمر اليومي : هاجموا . واستمر جنودنا يهاجمون . ولكن الهجوم الألماني لم يلبث أن واجه الألوف من العقبات أمامه . وأخذت جبهاته تتراخى الواحدة وراء الأخرى وراح الجنود المهاجمون يتعثرون تحت وطأة البرد الشديد وأسلحة الجيش الروسي ، ولم تلبث الأوضاع حتى تغيرت رأسًا على عقب فإذا بالمبادرة تنتقل من الألمان إلى الروس

 

وبينما كان الألمان يتراجعون على امتداد الجبهة كان هتلر يعزل القائد تلو القائد وهو في حالة غضب شديد ثم قرر أخيرًا أن يقود الحرب هو شخصيًا بصورة مباشرة . لقد كان على الجيوش الألمانية أن تقاتل في الوقت نفسه كلاً من الجنرال جوكوف والجنرال شتاء

 

مئات الألوف من الجنود كانوا يعودون عبر مئات الكيلومترات على أقدامهم ... بطونهم من الطعام خاوية ... وأجسامهم محرومة من الثياب الدافئة وسياراتهم خالية من الأجهزة المضادة للتجمد حتى خيولهم كانت غير معدة للسير فوق الجليد . القادة كلهم كانوا يريدون التراجع والعودة إلى الدونا حتى دنيبر ونيمن . مليونان من الرجال كان ينتظر أن يتحول تراجعهم إلى كارثة رهيبة أشبه بكارثة الجيش النابوليوني . لكن هتلر قال : لا !

لقد أصدر أمرًا بعدم التراجع إلى الوراء ولو خطوة واحدة وأصر على بقاء الجيوش حيث كانت حتى لوحوصرت من قبل العدو ولكي يفرض هذا الأمر لم يتردد في تطبيق عقوبات قاسية تناولت الكبار والصغار .

القائد الذي اخترق سيدان في معركة فرنسا جرؤ على المثول بين يدي هتلر وطالب بالتراجع فعزله هتلر عن القيادة .

القائد رانستد بطل معركة فرنسا أخلى مدينة روستوف على الدون فشق هتلر له أذنه . الجنرال هوبنر الذي لا ينحني في معارك الدبابات إلا أمام غودريان ترك قليلاً من الأرض ليقصر جبهته فطرده هتلر من الجيش بتهمة التمرد على الرؤساء والجبن . أما الجنرال الكونت سبونيك فقد ظن أن موقعه الدفاعي يكون أحسن حالاً إذا تخلى عن بعض شواطىء القرم فنقل مركز المقاومة إلى برزخ كيرتش ولكن هتلر لم يغفر له هذا التصرف وهو القائد الذي أشرت على غزو جيش المظليين لهولندا ، فحوله إلى المجلس العسكري الذي أدانه وحكم عليه بالموت .

 

 

الصفحة الرئيسية