وصول هتلر للسلطة :

بنهاية الحرب العالمية الأولى في 11نوفمبر 1918 وقعت ألمانيا على شروط الحلفاء المجحفة، فلم تحمل فقط الهزيمة بل حملت الفقر والإضرابات في داخلها.

وكان كثير من الألمان يعتقدون بأن الشيوعيين و معهم أصحاب المال من اليهود قد أرجعوا البلاد إلى الوراء.

هــتلر

تزوج ألويس هتلر بكلارا بولز البالغة من العمر 23عاماً، وكانت حينئذ حاملاً من ألويس، فولدت له أدولف هتلر في عام 1889.

كان ألويس هذا يعمل في مكتب للجمارك ووصف بأنه كان رجلاً مستبداً، ولهذا كان أدولف يخشى والده ويحترمه، ولهذا كان طالباً جيداً في بداية دراسته، إلا ان الضغط الأبوي هذا لم يعد مجدياً مع أدولف ليهتم بدراسته. لذلك ترك المدرسة بشكل نهائي بعد عامين من وفاة والده عندما بلغ 16عاماً.

وكانت والدته التي أحبته تصرف عليه من مرتب تقاعد والده، حيث أمضى أدولف سنتين بعد تركه للدراسه وهو يعيش حياة الخمول هذه ويمضي وقته في نسخ اللوحات بالألوان المائية، وهو يحلم أن يكون رساما. ولذلك انتقل إلى فيينا لينتسب إلى أكاديمية فيينا للفنون الجميلة. لكنه رفض مع أنه كان واثقاً من نجاحه، فأصيب بخيبة أمل كبيرة، وما لبث أن حلت عليه كارثة أخرى بعد أشهر حينما ماتت والدته .

لكن أحلام هتلر لم تكن في الحصول على وظيفة حكومية، ومع أن راتب الإعانة الضئيل قد قطع عنه في 1911 إلا أنه استمر في فيينا ينسخ اللوحات ويتقلب في الأعمال. ونفعه أنه كان بيعداً أكثر البعد عن التدخين والخمرة.

وهناك في فيينا تعلم هتلر كراهية اليهود والشيوعيين وهو يراهم يدمرون النمسا حتى يبنوا مصالحهم.

اتجه هتلر إلى ميونخ تاركاً فيينا حيث أثرت في قسوة العيش فيها وزرعت فيه فكرتان هما ماعاداة اليهود و المجد الألماني الغائب.

وعندما طلب للخدم العسكرية جاء في تقرير الطبيب بأن جسده ضعيف لا يقوى على حمل السلاح.

وبعد عودة هتلر إلى ميونخ بستة أشهر قام الصرب باغتيال وريث حكم الأمبراطورية النمساوية الدوق فرانز فردينان، ونشبت الحرب بين النمسا وصربيا فكانت شرارة الحرب العالمية الأولى في 28 يونيو1914.

ورغبة من هتلر في ارجاع المجد الألماني فقد تطوع في الخدمة لصالح الجيش الألماني، وبسبب حالة الحرب فلم يؤهبه بحالته الصحية وبذلك انخرط أدولف هتلر جندياُ في جماعة المشاة الاحتياطية المدعوة بافاريان 16.

كان جندياً شجاعاً، فقد حصل على وسام الصليب المعدني مرتين، ووصل إلى رتبة عريف. ونجا من الموت عندما القى البريطانيون قنبلة على خيمته التي غادرها قبل ثوان فقتلت جميع من بداخلها.

وعندما انفجرت عبوة غاز بجانبه فقد بصره مؤقتاً، وبينما كان يتلقى العلاج استسلمت ألمانيا.

لكن الأمور لم تهدأ في ألمانيا، فقد كانت الفوضى السياسية بعد الحرب تظهر في الإضرابات والمظاهرات والاصطدامات الشعبية. وقامت بقية من تشكيلات الجيش بتولي مسؤولية الحفاظ على الأمن والحد من الحركات الثورية. ثم بثت جواسيس عسكريين، وكان هتلر واحداً منهم.

وصل عدد المنظمات المعارضة إلى 12منظمة سياسية عنصرية، وفي يوم 22سبتمبر1919 تم ارسال هتلر ليحقق في مجموعة أسمت نفسها باسم (حزب العمال الألماني).

كان هذا الحزب قد أسسه صانع أدوات يدعى (أنتون دركسل)، وكان عدد الأعضاء ستة ويلتقون في احد المطاعم الرخيصة. واشترك هتلر في النقاش حول موضوع وجوب استقلال بافاريا راداً على احد المشاركين الذي انسحب من الاجتماع قبل أن ينهي هتلر كلامه و

التحق هتلر بهذا الحزب عندما وجد فيه مناداة بالأفكار التي يؤمن بها.

تم تعيين هتلر مسؤولاً في الالجنة التنفيذية عن نشر الأفكار، لم يكن في خزينة الحزب سوى سبعة ماركات استطاع هتلر استغلالها ليجمع أكثر من سبعين شخص وأن يحصل على تبرعات وصلت إلى 300مارك. لقد كان لهتلر الدور الأساس في تهييج الجماهير بواسطة الخطابة التي لم يكن أحد في ألمانيا يتقنها مثل هتلر.

وجد هتلر آذاناً صاغية له، تدفعها الشكوى من الهزيمة وسوء الأوضاع الاقتصادية وانهيار المارك. لهذا فليس من المدهش أن يجد هتلر نجاحاً جماهيرياً خاصة وأنه قد كرس نفه كلياً للحزب الوطني الاشتراكي لعمال ألمانيا أو كما اختصر لاحقاً باسم الحزب النازي.

وصل عدد الأعضاء في الحزب النازي عام 1920 إلى 193 عضواً وكان أكثر من نصف الأعضاء من العمال. كما أن الاجتماعات جذبت الآلاف.

وبدأ هتلر بصنع هالة من القوة العسكرية حول الحزب بجذبه للعسكرين القدامى أمثال آيرنست روم، واستطاع هتلر بسلطته في الحزب أن يبعد المؤسس الحقيقق له دركسل وأن يحل بدلاً من إيرنست روم الذي ساعد في تنظيم الجيش النازي الخاص (وحدات العاصفة) أو ما سمي بذوي القمصان البنية SA ، الذي كان لعلاقات روم في الجيش اكبر الأثر في استمرار هذه القوات.

كما التحق بالحزب هيرمان غورينغ الذي كان مسؤولا عن أشهر سرب طائرات في الجيش وكان حائزاً على أعلى وسام في ألمانيا، وما أن سمع هتلر حتى سارع بالانضمام إليه.

أمضى هتلر شهراً في السجن لقيادته هجوما نازياً ضد اجتماعات خصومه السياسية. وبعد خروجه ازدادت شعبيته لدى الحكومة ولدى الشعب فحاولت الحكومة في برلين أن تستفيد منه بينما ازداد دعم الشعب المادي له.

انهمك هتلر في البحث عن طرق لتعزيز صورة الحزب النازي لدى الجماهير فاستعار شعار الصليب المعقوف كشعار له.

لم يكن هتلر يطح بقيادة المنظمات السياسية في ميونخ فحسب بل كانت أحلامه كلها من أجل الحزب والأمة والشعب، واستطاع بذلك أن يصبغ الحزب بصبغة شبه عسكرية، واستمر الحزب النازي تتزايد أعداده حتى تشجع هتلر للقيام بالخطوة التالية ألا وهي العصيان المسلح ومحاولة الانتفاضة والانقلاب.

ففي السابع من نوفمبر1923 كان هتلر وزملاؤه يخططون للانقلاب، وسمعوا بتواجد ثلاثة من رجال حكومة بافاريا في ميونخ. واعلن هتلر الانقلاب في اجتماعه بالقادة الثلاثة في احدى الحانات، وهددهم حتى يأيدوه. لكن انقلاب الحانة هذا فشل وقتل وجرح فيه اكثر من 16 نازيا. وحكم على هتلر بخمس سنوات أمضى منها تسعة أشهر فقط في السجن الذي كان أكبر من غرفته التي كان يسكنها في ميونخ بمرتين ومكيف بشكل أفضل، وكان يتلقى فيه الورود وازداد وزنه نظراً للغذاء الخاص الذي كان يقدم له. واستطاع أن يؤلف في تلك الفترة كتاب كفاحي. وعندما خرج منعته السلطاات من الحديث والخطابات أمام الشعب.

في تلك الفترة بدأت حكومة برلين بالتوجه نحو الاصلاح الاقتصادي، لكن ما أن حل عام 1929م حتى ضرب الكساد ألمانيا فنزلت قيمة المارك نزولاً رهيباً.

ساعدت معاناة الشعب الألماني في تقوية الحزب النازي من أجل الهيجان الشعبي، ومارس هتلر العمل في الدوائر الانتخابية والقانوينة فسمح له بالخطابات مرة ثانية، لقد كان الحزب متماسكاً في بلد مفكك. ولا غرابة أن يحصل على الامرتبة الثانية بين الأحزاب القومية بعد حصوله على ستة ملايين صوت انتخابي عام1930. لكن باول فون هيندنبرغ فاز عليه بفارق ضئيل جداً. وعين فون بابن مستشاراً لهيندنبرغ، لكن فون بابن احتاج إلى قوة هتلر ودعمه، فعرض عليه منصب نائر رئيس الوزراء، لكن هتلر رفض وطالب بالحصول على السلطة العليا، وعندما رفض فون بابن ذلك توجه الضغط النازي بكامل قوته ضده وراحت الصحف تسخر منه وتهاجمه، فاضطر بابين للإذعان.

واصبح هتلر رئيساً للوزراء في الثلاثين من ديسمبر 1933.

واجه هتلر من حين توليه السلطة الأزمة الأقتصادية، فقد بلغت نسبة البطالة في ألمانيا عام 1933 25% . وانطلق هتلر لحل هذه الأزمة. فبدأ أولاً بتوطيد علاقته مع الجيش حتى أصبح بعد خمس سنوات أداة طيعة في يد النازيين. وبدأ هتلر بالاصلاحات فكانت كاسحة وناجحة واستطاع أن يحل كثيراً من أصعب المشكلات في بلده وبعد ثلاث سنوات من استلام هتلر منصبه كرئيس للوزراء تضاعف الدخل القومي واختفت ظاهرة البطالة وازداد الانتاج بمعدل الثلث. وكان لإنشاء شبكة هائلة من الطرق وحده سبباً في تشغيل ثلاثة أرباع مليون عامل، كما أمنت مصانع المحركات وظائف تكفي لتوظيف مليون ونصف عامل.

لكن هتلر واجه مشكلة في أوائل عام 1943 ألا وهي منظمة SA ، التي بدأت تتمعتع باستقلالية تامة واخذت توقع الحزب النازي في مشكلات عديدة، فتم استدعاء (روم) أحد المؤسسين للمليشيا الخاصة التي بلغ أعضاءها أربعة ملايين. وأخذ هتلر يدعم مجموعة صغيرة أخرى اسمها SS أو جماعة القمصان السوداء. وهي مفرزة الحرس المكلفة بحماية هتلر، وكان رئيسها هنريخ هملر الذي تعاون مع غورينغ في تحديد أعضاء الحزب النازيين الداعمين لاصحاب القمصان البنية الذين يجب أن تتم تصفيتهم.

وكان مساء يوم الثلاثين من يونيو1943 هو يوم المذبحة، فقد تم تجميع أكثر من ألف جل من رجال روم وجرى ذبحهم بعد ذلك.

وبعد موت هندنبيرغ ورث هتلر منه لقب الرئيس بالإضافة إلى لقبه رئيس الوزراء، واقترح هتلر في عام 1934 أن يمنح لقب الزعيم (الفهرر). ولاقى هذا الاقتراح التأييد بنسبة 90% .

فشلت محاولة هتلر في السيطرة على النمسا بسبب التدخل الدبلوماسي الإيطالي عام 1934.

وأعلن بعدها هتلر عن عزمه على بناء جيش ألماني وقوة جوية ضارباً بمعاهدة فرساي عرض الحائط. وواصل مسيرته هذه رغم احتجاج بريطانيا وفرنسا.

وغفل الآخرون عن حلم هتلر الذي كان يعلنه ألا وهو بناء أمبراطورية ألمانية تسيطر على أوروبا.

كان هتلر قاسياً دائماً ويتمتع بقدرة على الصبر واللامبالاة إزاء الآلام، فقد كان هتلر شجاعاً بصورة مذهلة أمام الألم الجسدي، إذ يستطيع أن يضع نفسه في حالة من الشرود لايشعر من خلالها بشيء، وعندما احتاج مرة لجراحة سنية بعد استلامه لمنصب رئيس الوزراء، جلس وكأنه الحجر أثناء العملية دون تخدير الأمر الذي أدهش هيئة أركانه.

وكم أبدى هتلر استعداداً ليراهن بكل شيء في مغامرة واحدة، ولم يبد أي تأثر تجاه احتمال فشله. وذكر في أكثر من مناسبة : لو سقط الحزب النازي، فلن يقف مكتوف الأيدي ، وسيجر بالعالم إلى الهاوية.

شرع هتلر في عام 1935 بالتجنيد الإلزامي للجنود، وفي عام 1936 قام بأول تحد مباشر لقوات الحلفاء ولبنود معاهدة فرساي، إذ أرسل فرقتين عسكريتين من الجند إلى منطقة (الراين لاند) وهي منطقة تقع غرب نهر الراين منع الحلفاء تمركز الجنود الألمان عليها. ولم يحرك الحلفاء ساكن فلاقت اولى تحركات هتلر نجاحاً كاملاً.

تحالف هتلر مع موسوليني في فبراير 1936م وفي تصورهما أن باقي أوروبا إنما تشع من الخط الممتد بين عاصمتي بلديهما، وأطلقا على هذ الخط اسم (محور روما - برلين) فسميت بدول المحور.

في عام 1938 قام هتلر بالضغط على رئيس الوزراء النمساوي للاعتراف الحزب النازي النمساوي رسمياً وتعيين النازيين بمناصب هامة في الحكومة. وعندما طالب رئيس الوزراء النمساوي باجراء استفتاء عام للبت في هذه القضية أرسل هتلر جنوده على الفور واحتلوا الأرض التي كانت مسقط رأسه.

في العام نفسه طالب هتلر باسترجاع اقليم ساديتنلاند الذي أخذه الحلفاء من ألمانيا حسب بنود معاهدة فرساي، ووافق الدبلوماسيون على اعطاء هتلر هذا الإقليم مقابل موافقته على عدم غزو تشيكوسلوفاكيا. لكن الحملة الدعائية الألمانية فككت تشكيوسلوفاكيا وبعد ستة أشهر ضمها هتلر إلى امبراطورية دون حرب.

لكن سياسة الحلفاء في المحافظة على رضا هتلر بدأت تتبدد، بينما كان هتلر يمهد الأرض للغزو القادم على بولندا، فقام بتوقيع معاهدة عدم اعتداء مع روسيا .

 

 

الصفحة الرئيسية