يناير 1942م - بعد بيرل هاربر

 

لا شك أن الفيليبين كانت موقعًا بالغ الأهمية بالنسبة لليابانيين . وأهميتها نابعة من مركزها الاستراتيجي من ناحية ولأن جزرها تصلح لأن تكون قواعد للقوات الأميركية البحرية والجوية تنطلق منها لمقاومة اليابانيين في ماليزيا وجزر الهند. في ضوء هذا التوضيح لا نستغرب أن تتم الغارة الجوية اليابانية على جزر الفيليبين فتبيد مجموعة كبيرة من الطائرات الأميركية بعد عشر ساعات فقط من حدوث الغارة على بيرل هاربر. والواقع أن اليابانيين قد أفادوا كثيرًا من شيئين هامين : أولاً : وجود نظام إنذار فاسد ثانيًا : رفض الجنرال دوغلاس ماك آرثر إرسال قلاعه الطائرة ب - 17 - وهي سيدة الأسلحة الأميركية في الشرق الأقصى - لضرب القواعد اليابانية في هاينان - فورموزا ما دام الكونغرس لم يعلن الحرب بصورة رسمية .

وهكذا استطاع اليابانيون بين 8 ديسمبر ونهاية العام أن يبيدوا بالفعل الطيران الأميركي في مطاري كلارك ونيفوك في لوسون ، وأن يحدثوا تخريبات هائلة في القاعدة البحرية الهامة في "كافيت " ، التي أرغم الأسطول الأسيوي الصغير الذي يقوده الأميرال توماس هارث ، على الهروب منها . ولجأ الأسطول إلى جزر الهند النيرلندية ليتمزق خلال الاشتباكات التي جرت في بحر جاوا . على أن الأميركيين قد ألقوا في الميزان كل ما تركه اليابانيون لهم في ذلك القطاع ابتداء من الطائرات البحرية الثقيلة حتى القلاع الطائرة "ب - 17" وابتداء من الغواصات حتى زوارق الطوربيد : كل هذه القوى لم تستطع أن تحول دون نزول القوات اليابانية، لقد كان نصيبها جميعًا ، التحطيم والتخريب أو الهرب .

وقد قرر اليابانيون وهم سادة الجو والبحر، أن يتجهوا نحو مانيلا في أول كانون الثاني منطلقين من رؤوس الجسر التي أقاموها شمالي العاصمة وجنوبها. ولم تجد القوات الأميركية والفيليبينية أمام هذا الاجتياح الهائل مناصًا من التراجع إلى الوراء ، محاولة تغطية هذا التراجع بمعارك يائسة تخوضها قوى المؤخرة . وبذلك استطاعت أن تبلغ غابة باتان الصخرية. وقد صمدت القوات الأميركية الفيليبينية المتراجعة في باتان وكوريجيدور، وهما قلعتان مبنيتان خصيصًا لحماية شبه الجزيرة أمام غزو يأتي من البحر من اليابانيين . ولم يطل الصمود فالخسائر الكبيرة التي نزلت بهذه القوات ونقصان المؤن ، والمرض ، واستحالة الحصول على النجدات والأسلحة وغيرها، قد حطمته .

وفي 9 أبريل تم استسلام أربعين ألف جندي هم من بقي من حامية باتان . أما كوريجيدور "الصخرة" التي كان يقودها الجنرال جوناتان وين رايت فقد صمدت شهرًا آخر ثم استسلمت في 6 مايو مع عشرة آلاف رجل .

أما الجنرال دوغلاس ماك آرثر فإنه ، بعد أن ساءت حالة الفيليبين ، قد تلقى من الرئيس روزفلت أمرًا بمغادرة المعسكر المعزول . وتم انتقال القيادة إلى "دينرايت " وهرب ماك آرثر في محاولة جريئة إلى أوستراليا حيث صرح قائلاً :

"لقد أمرني رئيس الولايات المتحدة بمغادرة كوريجيدور إلى أوستراليا مرورًا بالخطوط اليابانية . ويبدو لي أن غرضه من ذلك هو أن يكل إلي مهمة إعداد هجوم على اليابان يكون الهدف الأساسي له تحرير الفيليبين . وقد نجحت بالمرور وسأعود".

 

*معلومات سريعة :

- أسر اليابانيون 75 ألف أسير كان منهم 63 ألف فلبيني عند احتلالهم لباتان. مات مايقارب 16 ألف منهم خلال مسيرة الموت التي بلغ طولها 96كلم على الأقدام. بلغ عدد الأسرى الأمريكيين 12 ألف أسير عاش ثلثهم فقط إلى نهاية الحرب.

 

-الفريق الياباني ماساهورا هومّا )1887-1946(خسر منصبه بسبب تأخره في احتلال الفلبين وبسبب الخسائر التي تكبدها اليابانيون في هذا الاحتلال ،في عام 1946 تم محاكمته في مانيلا كمجرم حرب بسبب مسيرة الموت في باتان حيث وجد أنه مذنب وتم إعدامه.

 

 

الصفحــة الرئيسيــة