الحرب
في المحيط الهادي :
بينما
كان الإنكليز والفرنسيون مشغولين بالخطر النازي بخاصة ، انتهز اليابانيون الفرصة لاحتلال هاينان في 10 فبراير 1939 وجزائر سبارتلي في 3 مارس ، وهما مركزان استراتيجيان هامان على الطريق البحرية هونغ كونغ - سنغافورة، وكانت فرنسا تطالب بهما وتطمع إلى احتلالهما آنذاك .ولم
يكتف اليابانيون بما حصلوا عليه فقد ضاعفوا ضغطهم خلال شهر يونيو من العام نفسه على الامتيازات الدولية في كل من شانغهاي ، تيانتس ، وكولانغسو، ثم راحوا يطاردون السفن البريطانية، لقد كانوا ينوون القضاء على كل المصالح الأجنبية في بلاد الصين الشاسعة، ولما كانت بريطانيا آنذاك منهمكة بالخطر الألماني ومشدودة بكل إمكاناتها إلى المستقبل الذي يخبئه هتلر لها ولإمبراطوريتها الواسعة، ولما كانت حكومتها حكومة تعتمد أنصاف الحلول وتؤثر خطة التراجع بسبب الفراغ الذي كانت تشكو البلاد منه في كل ميدان من ميادين الحياة العامة لجهة التعبئة العسكرية، ولما كان تشمبرلن هو الرجل الذي تبنى خطة التراجع بانتظار الانتفاضة المرتقبة ابتداء من اتفاقية ميونخ المشهورة فقد بدا مستعدًا يومذاك للقبول بوضع ياباني خاص في الصين .أما
الولايات المتحدة فقد كانت أكثر إدراكًا لأغراض الحكومة اليابانية وأكثر يقظة على مقاصدها البعيدة في الصين ولذلك فإنها لم تتبع تشمبرلن في هذا الميدان ؟ وانتظرت الفرصة المناسبة للقيام بعمل رادع في حدود الظروف القائمة يضاف إلى ذلك أن الرئيس روزفلت أصدر مرسومًا بالتوقف عن تصدير الحديد والفولاذ إلى البلاد اليابانية، ونصح المواطنين الأميركيين المقيمين في الشرق الأقصى بالقفول إلى بلادهم حفاظًا على سلامتهم .وأخذت
معالم صورة جديدة تبرز أمام اليابان بعد ذلك . لقد كانت حاجة اليابانيين ماسة إلى الطعام والمطاط والرصاص والنيكل والكروم والحديد والخشب ، وأخيرًا إلى عصب الحرب الذي هو البترول ، كل ذلك موجود بكثرة هائلة في الجنوب أي في الهند الصينية وماليزيا والفيليبين .يقابل
هذا أن الأميركيين قد امتنعوا عن تصدير هذه المواد الأولية إلا بحساب وقدر ، ولما كان الأميركيون هم المصدرون الرئيسيون للبترول " العالي الأوكتان " وللسيارات والطائرات والحديد والفولاذ والنحاس ، فإن امتناعهم عن التصدير قد أرغم اليابانيين على الرد بسرعة . وفي الوقت نفسه بادرت بريطانيا إلى فتح طريق بورما بعد نهاية المهلة المتفق عليها أي بعد نهاية ثلاثة أشهر رغم هزائمها في اليونان وكريت وأفريقيا الشمالية، وعلى الرغم من الضعف الذي أصيب به أسطولها بسبب غارات اللفتواف عليه ، أما الهولنديون الذين هزمهم هتلر في بلادهم فإنهم قد راوغوا طويلاً في المفاوضات التي أجراها اليابانيون معهم لفرض الحصول على امتيازات بترولية ثم انتهت المفاوضات دون أن يعطوهم شيئًا . السبب في ذلك أن الأميركيين والإنكليز قد ساندوهم وشجعوهم على اتخاذ هذا الموقف . وفي 2 تموز قرر مؤتمر إمبراطوري الانتقال إلى العمل في الجنوب . ونزلت قوات يابانية عدتها خمسون ألف رجل في الهند الصينية وحولتها إلى محمية يابانية مع الاستعداد لمواجهة كل الاحتمالات التي قد تصدر عن الإنكليز والأميركيين . والواقع أن الحلفاء لم يترددوا في الرد على اليابان . لقد أعلن الأميركيون في 24 يوليو تجميد الممتلكات اليابانية، ثم تبعهم الإنكليز والهولنديون الذين توقفت كل صلة تجارية بينهم وبين اليابانيين من الناحية العملية .ولما
كانت اليابان مضطرة للاعتماد على مخزونها من المواد الأولية، ولما كان استهلاك هذه المواد سيجعلها في حالة عجز عن القيام بأية عملية حربية واسعة ، فقد وجدت نفسها في حرج شديد ولا سيما بعد إحكام الحصار الاقتصادي عليها من قبل الدول الغربية الثلاث . على أن اليابانيين العسكريين لم يختاروا الانقضاض على الحصار وتمزيقه والاستيلاء بالقوة على مصادر المواد الأولية بصورة مباشرة بل أعطوا الوزير الأول فوميمارو كونوي فرصة أخيرة لإيجاد تسوية للوضع تخرج باليابان من المأزق الذي وجدت نفسها فيه عن طريق المفاوضات .ومن
أجل هذا الغرض أرسل كونوي سفيرًا جديدًا إلى الولايات المتحدة هو السيد كيشيزابورو نومورا في فبراير 1941م لمفاوضة المسؤولين في واشنطن على أمل الخروج من المأزق والحفاظ على السلام وإيقاف تيار العسكريين القائلين بالحرب.
في
خمسة أشهر فقط غزا اليابانيون الإمبراطورية التي كانوا يحلمون بها منذ عشرات السنين . هذا الغزو كان يعني وضع اليد على 400 مليون من البشر وعلى كل موارد المواد الاستراتيجية التي كانوا في حاجة إليها - بترول ، مطاط ، قصدير، تانغستين ، كروم ، مانغنيز، وأرز- باستثناء الحديد . إن البحرية اليابانية قد أصبحت سيدة بحار الباسيفيك . إنها الآن تتجول عبر المساحات الشاسعة بحرية تامة وتمارس سيادة مطلقة ، ابتداء من مدواي حتى شواطىء الصين ، وابتداء من الأليوشين حتى أوستراليا يضاف إلى ذاك قسم كبير من مياه المحيط الهندي .
على
هذه الصورة بدأت سلسلة من المعارك سجلت فيها اليابان انتصارات متعددة . ثم تغيرت الأدوار بعد ذلك حينما وضعت الولايات المتحدة في الميزان كامل ثقلها الاقتصادي وبلغت الذروة في الإنتاج الحربي . إن حاملات الطائرات والسفن الجوالة والغواصات وكل الطرادات الأميركية إلا ثلاثة منها، قد نجت من الهجوم الأول بحكم المصادفة، بحيث أن القوات البحرية الأميركية قد استطاعت بفضل الوحدات التي ضمت إليها من أسطول المحيط الأطلنطي بعد ستة أشهر وحسب أن تزلزل الأسطول الياباني في بحر المرجان وفي مدواي .
معلومات
سريعة :*
شهدت منطقة كوهيما الهندية التي كانت أقصى نقطة وصل إليها اليابانيون غرباً أكبر عملية شحن جوية خلال الحرب، حيث نقل الحلفاء ما يقارب 6آلاف طن من المؤن من ضمنها 43مليون سيجارة.*
في أواخر 1944 أطلق اليابانيون قنابل الفوجو على الولايات المتحدة الأمريكية، قرابة 9300 منطاد ورقي طول الواحد منها 10أمتار تم إطلاقها من جزيرة هونشو لتقطع 9700كلم حتى تصل إلى أرض الولايات المتحدة الأمريكية. حيث حمل كل واحد منها ثلاث قنابل صغيرة. والضحية الوحيدة لهذه القنابل كانت امرأة وأطفالها الخمسة.
معلومات
أخرى :*
مع مطلع 1945 كان موقف اليابان لازال يحسب له ألف حساب فهي تسيطر على أجزاء شاسعة من آسيا وشمال الصين بأكمله والفليبين وماليزيا وتايلاند ونصف بورمافي
التاسع من يناير 1945 عاد الهجوم الأمريكي مرة أخرى وكان الهدف هو تحرير جزيرة لوسون وهي الجزيرة الرئيسية في الفليبين
* -
مع أن الأمريكيين استطاعوا أن يقضوا على القائد الياباني الأعلى أيسوروكو ياماموتو، إلا أنه حتى ذلك الوقت لم تخسر اليابان أياً من فتوحاتها.-
في مؤتمر الدار البيضاء تقدم الأميرال كينغ بمذكرة عن (المحيط الهادي) ذكر فيها أن هذه المنطقة المائية لا تحظى بأكثر من 15% من المجهود الأمريكي.-
قوات اليابانيين في جزر سليمان لم تتعد20 ألف و50 ألف في غينيا الجديدة، أي أن الحرب كانت بنسبة خمسة إلى واحد.-
بعد سقوط غواد القنال اعتمد الأمريكيون سياسة (وثب الجزر) باتجاه الفليبين.-
في 20نوفمبر 1943 اتجهت الحشود إلى تاراوا ، وكان فتحها هو حجر الأساس في بداية سقوط الجزر اليابانية.-
كان القادة اليابانيون يبحثون عن معركة حاسمة في المحيط الهادي، وقد كان لهم ما أرادوا في يونيو1944-
حصل ذلك عندما صدرت الأوامر للأسطول الأمريكي بالتوجه لاحتلال جزر الماريانا (سايبان، تينين، غوام). فانبرى له الأدميرال اوزاوا بتسعة حاملات للطائرات (450 طائرة). بينما كان الجيش الأمريكي الغازي بقيادة الأدميرال ميتشِر يتكون من 15 حاملة طائرات (890طائرة).-
كان أوزاوا يتوقع مساعدة إضافية من الحامية اليابانية في جزيرة غوام، إلا أن معظم هذه الحماية كان قد تم تدميره بواسطة حاملات الطائرات الأمريكية.-
وفي بداية يوم التاسع عشر من يونيو أطلق أوزاوا 370 طائرة باتجاه أسطول الغزو معتمدة على الرادار.-
ذلك اليوم أسماه الأمريكيون بيوم صيد الديكة، لقد استطاعوا إسقاط 240 طائرة يابانية بسهولة ولم تتجاوز خسارتهم 29 طائرة. كما أن الغواصات الأمريكية أغرقت حاملتي طائرات يابانية.-
غامر ميتشر بهجوم ليلي على اليابانيين المنسحبين. فأطلق 216 طائرة لمسافة بعيدة، حيث تم إسقاط عشرين طائرة منها وتم إغراق حاملة طائرات يابانية ، وإتلاف أخرى وإسقاط قرابة 65 طائرة يابانية.-
وبسبب نفاذ الوقود وحلول الظلام واجهت سبعون طائرة أمريكية المشاكل عند عودتها إلى حاملاتها. فكانت ترتطم بسطح الحاملة ، لكن معظم الطيارين لم يصابوا بأذى.-
كانت هذه آخر معركة بين حاملات الطائرات في المحيط الهادي.
الصفحة الرئيسية