قنبلة هيروشيما

6 أغسطس 1945م

 

في 26 يوليو 1945م وجه الرئيس ترومان نداء إلى الشعب الياباني عرف فيما بعد بنداء بوتسدام ، وكان يطلب فيه من اليابان استسلامًا غير مشروط تحت طائلة عملية تخريبية سريعة وشاملة دون أن يشير إلى القنبلة الذرية . والواقع أن هذا النداء كان أكثر من دعوة إلى الاستسلام . خلاصته أن اليابان ستحرم من كل ملكياتها وأن سيادتها لن تتجاوز حدود جزائرها الوطنية ، وأن العسكريين اليابانيين سيحاكمون وسيعاقبون وأن اليابان ستشهد نهاية صناعتها وجيشها وستدفع تعويضات الحرب ثم تحتلها قوات الحلفاء

أما إذا قبلت اليابان بالاستسلام السريع فإن جنودها سيسمح لهم بالعودة إلى بلادهم ثم تقصر مدة احتلال الحلفاء لأراضيها . وأضاف الحلفاء قائلين : " نحن لا ننوي استعباد الشعب الياباني ولا القضاء على الوطن الياباني " . ورغم أن هذا النداء قد وجد التأييد في مجلس الحرب الأعلى الياباني وقبله الإمبراطور من الناحية المبدئية، إلا أن اليابانيين قد فضلوا الانتظار على أمل أن تجري وساطة سوفياتية . وأعلن سوزوكي رئيس الوزراء خلال مؤتمر صحفي عقدة في 29 يوليو أنه لا علم له بنداء بوتسدام ولم يصدر أي جواب رسمي . وأخيرًا تقرر إلقاء القنبلة الذرية .

وفي 3 أغسطس أمر ترومان باستعمال القنبلتين الذريتين الموجودتين . وعينت أربعة أهداف محتملة لهما : هيروشيما، كوكورا، نيفاتا، وناغازاكي . وحملت القنبلتان إلى جزيرة تينيان حيث توجد مجموعة قلاع طائرة خاصة "ب 29" لحملهما. وفي 6 أغسطس انطلق سرب من ثلاث طائرات "ب 29" باتجاه هيروشيما . إحداها تحمل القنبلة الذرية يقودها الكولونيل بول تيبتس جيروم . أما الطائرتان الأخريان فقد كانت للمواكبة والاستطلاع . وكانت آثار القنبلة التخريبية من الاتساع بحيث إن الكولونيل اكتفى بإرسال البرقية التالية : رأيت المدينة وهدمتها .

وقد يكون من المناسب أن نتحدث قليلاً عن هذه القنبلة الذرية الأولى فنردد ما ورد على لسان أحد اليابانيين في حديثه مع مارسيل جونو، ممثل الصليب الأحمر، عن ماهية هذا الانفجار الرهيب قال : وفجأة ظهر في السماء ضياء وردي باهت اللون شديد جدًا ، يرافقه اهتزاز غير طبيعي ثم لحقت به مباشرة موجة من الحرارة الخانقة ورياح عاصفة كانت تجتاح كل ما تجده أمامها .

وفي ثوان قليلة احترق الآلاف من الناس الذين كانوا يسيرون في الشوارع أو يجلسون في الحدائق العامة القائمة في وسط المدينة . كثيرون قتلوا بالحرارة الهائلة التي انتشرت في كل مكان . وآخرون كانوا يبقون فوق الأرض ، صارخين من الألم وقد انتشرت في أجسادهم حروق مميتة . كل ما كان قائمًا فوق منطقة الانفجار : جدران ، منازل ، مصانع وأبنية أخرى قد أبيد إبادة تامة ، واندفع فتات هذه الأشياء نحو الفضاء في دوامة رهيبة . الحافلات الكهربائية انتزعت من خطوطها الحديدية وقذفت كما لو أنها فقدت وزنها وتماسكها . القطارات ارتفعت هي بدورها وكأنها مجموعة من لعب الأطفال . الخيول والكلاب والماشية أصابها ما أصاب البشر. كل ما كان من الأحياء قد فقد حياته في وضع مؤلم يعز على الوصف . واختفت الأشجار في اللهيب .. وفقدت شتلات الأرز خضرتها، واحترق العشب الأخضر كما يحترق القش اليابس . أما ما وراء منطقة الموت فقد انهارت المنازل وأصبحت أكوامًا من الألواح الخشبية والقرميد والأعمدة الحجرية . لقد انهار كل شيء كما تنهار بيوت الكرتون في دائرة قطرها 10 كلم . أما الذين كتبت لهم النجاة من الموت فقد وجدوا أنفسهم محاطين بستار من اللهب . أما الأفراد القليلون الذين استطاعوا اللجوء إلى مخبأ من المخابىء فقد ماتوا بعد عشرين أو ثلاثين يومًا من الألم بتأثير إشعاعات "غاما" المميتة .

وفي المساء بدأت النيران تنخفض ثم ماتت ، إذ لم يعد هناك شيء تأكله ، لقد انتقلت هيروشيما إلى العدم ..

وبعد ذلك بيومين ، سعى فيهما السفير الياباني إلى إقناع السوفيات بالتدخل كوسطاء، أعلن هؤلاء الأخيرون الحرب على اليابان . وأطلق المارشال الكسندر فاسيلفسكي جيشه الأحمر على منشوريا في ثلاث مناطق مختلفة. ومهما يكن جيش الكوانتانغ ، وعدته 700 ألف رجل ، والذي كانت تحميه مواقع دفاعية محصنة، فقد ضعفت قوته بعد أن بادر إلى إنجاد الجزائر التي تحتلها القوات اليابانية في الوطن الأم وفي المناطق المحتلة . واندفع الجيش الأحمر نحو منشوريا والنصف الجنوبي من جزيرة سخالين .

 

معلومات سريعة :

* قنبلة هيروشيما يمكن تصوير انفجارها كما لو أن 10 آلاف قاذفة قنابل من ذوات الأربع محركات ألقت بكامل حمولتها من القنابل على نقطة واحدة وفي لحظة واحدة.

 

معلومات أخرى :

رفض اليابانيون أي استسلام أو تنازل ، كانت هيروشيما المرشح للتجربة الجديدة ، الطائرة "إينولاغاي" القنبلة طولها 10 أقدام وقطرها 5 أقدام ووزنها 10 آلاف ليبرة

في الساعة 6.40 ارتفعت الاينولاغاي إلى المستوى المناسب للقصف 30 ألف قدم ، وفي الساعة 8.11 كانت المدينة صافية جلية سليمة كأنها تستعد لتقبل التجربة المروعة .

وفي تنان الساعة 8.15 و17 ث انطلق القنبلة من مستودعها ، وفجأة سطع برق خاطف عجيب كاد أن يعمي أبصار الطيارين

هيروشيما تحولت لهياكل من الإسمنت ، وفي ثانية واحدة تكلس الناس في أماكنهم وقوفا وقعودا ، ورافق الحرائق ريحا بسرعة 1200 كلم /س وبلغ شعاع القنبلة 1500كلم اتسعا ، أما الناجين فقد ظهرت عليهم بوادر القئ والإسهال مع نزيف في الفم والأمعاء وسرعان ما انضم هؤلاء للضحايا الذين زاد عددهم عن 78150 قتيل و 9274 جريح و13938 مفقود فضلا عن أكثر من 20 ألف جندي

**

- في صباح السادس من أغسطس 1945، انطلقت طائرة ب29 من جزيرة تينين إحدى جزر الماريانا.

- قامت هذه الطائرة بإلقاء أول قنبلة ذرية (قنبلة يورانيوم) على هيروشيما.

- كان طولها 3أمتار ولا يتجاوز وزنها 4080كيلوغراماً. واسمها الولد الصغير.

- كان إلقاء القنبلة على منتصف المدينة تقريباً. حيث هلك قرابة 78ألف ياباني في الحال.

     

  1. قرابة هذا العدد أصيبوا بحروق وتشوهات من الأشعة الذرية تسببت في موتهم فيما بعد أو تشويههم.
  2.  

  3.  
  4. قنبلة ناجازكي

    وبينما كان مجلس الحرب الأعلى يناقش بنود نداء بوتسدام ألقيت القنبلة الذرية الثانية فوق ناغازاكي في 9 أغسطس 1945م وفي تمام الساعة الحادية عشرة من الصباح . لكن النتائج التخريبية لهذه القنبلة لم تكن من الاتساع كما كانت عليه نتائج القنبلة الأولي بسبب النتوءات المرتفعة في أرض المدينة . وقد بلغت الخسارة مع ذلك 73884 قتيلاً و 60 ألف جريح .

     

    معلومات سريعة :

    القنبلة الأخرى كانت متجهة لمدينة "كوكورا" لكن غيوما كثيفة كانت تحجبها فاتجهت لناجازاكي ، لكن الأضرار كانت أقل بسبب هضابها ، وكان انفجارا رهيبا فقد كاد أن يفتت الطائرة ب29 التي اضطربت وهبطت في أوكيناوا باعتبارها أقرب مطار

    **

    - في 9 أغسطس 1945 تم إلقاء ثاني قنبلة ذرية (قنبلة بلوتونيوم) على مدينة نجازاكي.

     

     

  5. (الرجل السمين) قتلت قرابة 40 ألفاً.

 

 

الصفحة الرئيسية