الإبادة الشاملة التي تلقاها الألمان

 

تقدمت جيوش هتلر خلال ستة أشهر داخل الاتحاد السوفياتي 900 كلم واحتلت من الأرض ما مساحته مليون ونصف كلم مربع . النازيون اعترفوا بأنهم قد فقدوا في هذه المعركة 740000 رجل بين قتيل وجريح ومفقود بينما اعترف الروس بثلاثة أضعاف هذا العدد تقريبًا أي مليونين . وبما أن الألمان قد زعموا أنه قد وقع في أسرهم ثلاثة ملايين من الجنود الروس فإن رقم ستة ملايين كخسارة إجمالية في الجانب الروسي يبدو معقولاً في نظر الخبراء .

ولكن هل تحققت أهداف هتلر في هذه الأشهر الستة ؟ هل قضي على الجيش الأحمر؟ هل تحطمت الصناعة الروسية ؟ هل انهارت الدولة السوفياتية ؟

إن سلوك الجيوش الروسية في الهزيمة يتناقض تمامًا مع سلوك البولونيين والحلفاء الغربيين . لقد كان الروس يقاتلون بعنف ويتشبثون بمواقعهم حتى في حالة حصار. الغابات الواسعة والمستنقعات الكبيرة كانت تساعدهم .

 

وأطل عام 1942 والرياح الثلجية تعصف بالجيش الألماني بينما القوات الروسية التي تتجدد أطماحها وتنبت فرقها فى كل مكان ثم تنقض على العدو تقوم بعمليات واسعة تحاصر بها فرقًا من قوات المحور .

وبينما كانت القوات الروسية تتزايد " كمًا ونوعًا " كان الجيش الألماني يتراجع .

يبقى العنصر البشري نفسه الذي أخذ يتضاءل . لقد كانت القوات الألمانية في حاجة إلى مليون جندي لملء الشواغر. وبما أن عمليات التعبئة لم تكن على مستوى المعركة التي يخوضها الجيش في الشرق فقد كان جنود النجدات الذين يرسلون إلى هناك أقل كفاءة من الجنود الذين كانوا يتساقطون في الميدان .

 

إن الأهداف الرئيسية التي كان هتلر يحاول الوصول إليها عام 1940 هي القوقاز وستالينغراد ولينينغراد . ولكن هذه المناطق والمدن بقيت في أيدي الروس بينما أبيدت عشرون فرفة من أحسن فرق الجيش الألماني دون أمل في التعويض عنها وهي التي كان يقودها " فون بولوس " تحت اسم الجيش السادس . وفي أثناء العام الأول للحرب في الشرق كان الجيش الأحمر قد كبد الألمان خسائر رهيبة لم يسبق لهم أن تكبدوا مثلها من قبل : 1250000 بين قتيل وجريح وأسير. أما السوفيات فقد كانوا يفتخرون بأنهم قد خسروا في الوقت نفسه 4500000 مقاتل على أنهم كانوا قادرين على ملء الفراغ الذي أحدثته هذه الحرب في الرجال . وبينما كان الروس يدعمون جيوشهم مستعينين بمصانعهم الخاصة التي نقلوها إلى سفوح جبال الأورال وبالمساعدات التي كان يقدمها الأميركيون والإنكليز إليهم كان الألمان في الوقت نفسه يتعرضون للغارات الجوية العنيفة ويضعفون شيئًا فشيئًا. كان الوضع كذلك بالنسبة للقوات البشرية والأيدي العاملة حتى أن الألمان قد أرغموا على مصادرة العمال وتسخيرهم للعمل في مصانعهم تعويضًا عن الفراغ الذي كانت تسببه خطط التعبئة . وبلغ الأمر أنهم جندوا الشيوخ والمراهقين . ومع ذلك فإن كل هذه المحاولات لم تحل مشاكلهم الأساسية .

لقد استولى الجيش الأحمر على كورسك وبيلغورود بعد معارك عنيفة . وفي منتصف شباط طرد القوات النازية من خاركوف . وعندما جاء أول مارس أرغم القائد الألماني مانستاين على إخلاء رزيف وفيازما في الجبهة الوسطى. وبعد تقدم استمر ثلاثة أشهر ومسافة طولها 650 كلم اجتازها الجيش الأحمر في تلك الفترة من الزمن أصبحت خطوط التموين الروسية طويلة جدًا بحيث ان القائد الألماني مانستاين قد استطاع بالقوات الألمانية الجديدة التي ضممت إليه أن يوقف الزحف الروسي أولاً، ثم يعيد القوات الروسية إلى الوراء . وفي 14 مارس استعاد الألمان مدينة خاركوف .

وجاء الربيع وهدأت المعارك العسكرية حتى اليوم الخامس من شهر يوليو حين بدأ هتلر بحملته الصيفية . ولم تكن هذه الحملة بالطبع على مستوى الحملتين السابقتين . لقد كانت القوات التي استعملها في هذه الحملة الهجومية في حدود ثلاثين فرقة عدد جنودها نصف مليون رجل . وقد بدأ الهجوم بالانقضاض على نتوء روسي عمقه تسعون كيلومترًا يمتد داخل الخطوط الألمانية غربي كورسك . وقد تم الهجوم من الشمال والجنوب . قام به كل من كلوج ومانستاين على أمل إبادة المليون روسي المعسكرين في ذلك الجيب .

ولكن الجيش الأحمر كان على أهبة تامة . وقد حطمت مدفعيته نصف الدبابات الألمانية تقريبًا في معركة أطلق عليها الجنرال إيفان كونيف اسم "أغنية الأوز للفرق الألمانية المدرعة" . أما الألمان فقد أرغموا على الوقوف بعد أن استولوا على مساحات قليلة من الأرض . والواقع أن هذه الحملة كانت كارثة بالنسبة للألمان . لقد ذاب سلاحهم واحتياطي الرجال منهم كما يذوب الثلج في عين الشمس . لقد بلغت خسائر الألمان70000 ألف رجل و 1000 طائرة . يضاف إلى ذلك أن الحالة المعنوية في الجيش الألماني كانت في وضع سيء جدًا . ولم تنته هذه الحملة حتى شعر الألمان أن الروس يستعدون للقيام بهجوم معاكس .

كانت الأرض السوفياتية لعام 1943 قد حررت تقريبًا في تلك الفترة من الحرب . ولكن الألمان كانوا ما يزالون يسيطرون على روسيا البيضاء على امتداد نهر الدنيبر الأعلى . وكانوا يعتقدون في كل حال أن حملة باتجاه بلاد البلقان شيء يدعو إلى الخوف لأسباب سياسية . والواقع أن الروس قد هاجموا بعد ذلك في الشمال ، في كاريليا وفي الوقت نفسه تقريبًا في روسيا البيضاء . وقد تم توقيت هذا الهجوم مع عمليات نزول القوات الحليفة في نورمانديا .

 

معلومات سريعة :

* أخطر الطرق البحرية خلال الحرب كانت الرحلة من بريطانيا إلى الاتحاد السوفيتي لإيصال المؤن ، ففي يوليو 1942 هاجمت الغواصات الألمانية القافلة البريطانية pq17 فأغرقت 24سفينة من أصل 35 سفنية.

وقد بلغ ما أرسله الحلفاء لروسيا من 1942 حتى 1945 أكثر من 13ألف دبابة و 22ألف طائرة و376 ألف عربة.

 

معلومات أخرى :

- بسبب تراجعه في حرب روسيا حكمت المحكمة العسكرية على الجنرال كونت شبونيك بالإعدام.

- لكن العقوبات طالت رونشتد وغودريان وغيرهم من القادة.

- كانت درجة الحرارة تصل إلى خمسين درجة تحت الصفر حينما بدأ الروس هجومهم المضاد.

- كرر هتلر خطأ ستالين، فقد احتقر قوة الروس وفرد جبهة القتال أكثر مما يحتمل جنوده.

- بسبب أوامر هتلر بالصمود لم تتحرك القوات الألمانية في مرتفعات فالداي، فطوق الجيش الأول الروسي 100ألف جندي.

- في شوسلبورغ فقد فوج المشاة الألماني رقم 436 نصف رجاله خلال ساعات، لا في أرض القتال بل بسبب تدني درجة الحرارة إلى الحد الذي صعق الجنود صعقاً.

- لتحرير أوكرانيا حشد الروس أربعة جيوش على جبهة طولها 150 كلم، فاندفعت مساقة 120كلم خلال ثمانية أيام.

- بلغ عدد الإصابات في الجيش الألماني أكثر من مليون إصابة خلال شتاء 1941،1942. أي 35% من العدد الذي دخل الميدان في 22يونيو1941.

- كان العون الأمريكي للروس من أهم أسباب تراجع الألمان. ففي 21يونيو1941 دخل الألمان روسيا بـ 1830طائرة و 3580دبابة و 600ألف سيارة. وخلال عامي 1942-1943 بلغ حجم العون الأمريكي لروسيا 3052طائرة، و 4084دبابة ، 520 ألف سيارة

 

الصفحة الرئيسية