غزو المحور لليونان

 

في خريف 1940 ، كان موسوليني يحلم دائمًا بتحقيق انتصارات فى مصر وفى الشرق الافريقى . ورغبة منه في البرهنة على استقلاله بالنسبة لزميله الألماني ، وسعيًا منه في الوقت نفسه إلى الحفاظ على مصالحه الخاصة في بلاد البلقان ، فقد انطلق عبر الحدود الألبانية بمائتي ألف جندي من جنوده لغزو بلاد اليونان ، وكان ذلك في 28 أكتوبر وبما أن اليونان كانت بلادًا ضعيفة محرومة من الناحية العملية من الطائرات والدبابات والسيارات المسلحة والمدافع ، فإنها لم تستطع أن تقابل الفرق الإيطالية السبع والعشرين إلا بسبع عشرة فرقة . وكان الدوتشي موسوليني على مثل اليقين بأن انتصاره على اليونان سيكشف الهجمات المظفرة لحليفه الألماني . واندفعت الصفوف العسكرية الإيطالية مجتازة معابر "الباند" باتجاه اليونان نحو يانيني . لكن اليونانيين الذين أصلوا القوى الإيطالية بنار حامية من فوق قممهم ، سببوا لها الخسائر الثقيلة وتوصلوا إلى إيقاف تقدمها إلى الأمام . وبعد ذلك بثلاثة أسابيع استطاع اليونانيون بهجماتهم المعاكسة أن يقذفوا بالإيطاليين إلى الجانب الأخر من الحدود الألبانية وفي نهاية السنة، وبينما كان الهجوم الإيطالي قد جرى في جو فائق من الثقة والتفاؤل قبل ذلك بشهرين اثنين فقط ، كان اليونانيون قد توصلوا إلى طرد الايطاليين مسافة 65 كيلومترًا داخل الأراضي الألبانية كما أصبحوا يسيطرون على الموقف في أكثر من ربع البلاد .

 

أما هتلر، فقد دعم قواته العسكرية خلال خريف وشتاء 1940 وأرغم المجر ورومانيا وبلغاريا على الانضمام إلى صفوف المحور استعدادًا للحملة القادمة على الاتحاد السوفياتي ، وقد أرغم هتلر، بعد الحالة السيئة التي آلت إليها قوات الدوتشي الإيطالية ، على التدخل لإنقاذها رفعًا لمعنويات المحور من ناحية وحفاظًا على جناح قواته الجنوبي قبل الانقضاض على روسيا .

وقد حاول هتلر ما أمكنه العمل بالطرق الدبلوماسية والاقتصاد في استعمال قواته العسكرية من أجل معركة الاتحاد السوفياتي

 

 

الصليب المعقوف على الأكروبول

وفي 6 أبريل 1940م وفي الوقت الذي تم فيه الهجوم على يوغوسلافيا، انطلق الألمان نحو الجنوب عبر يوغوسلافيا بالذات وبلغاريا وانقضوا على اليونانيين انقضاضًا صاعقًا تساعدهم الفرق الإيطالية، التافهة التي كانت تقف في الجانب الآخر من الحدود اليونانية . منذ الثامن من تشرين الثاني عام 1940 أي بعد أسبوع تقريبًا من حملة موسوليني ، بدأت قوات بريطانية وأمبريالية استراليون ونيوزيلانديون بصورة خاصة بالنزول إلى الشاطىء اليوناني لإنجاد هذه البلاد. إن إيقاف نصف مليون جندي ألماني لا يمكن أن يتحقق بهذه القوة العسكرية ، يضاف إلى ذلك أن التجهيزات المدرعة في البعثة الإنكليزية العسكرية كانت قليلة بالإضافة إلى قلة الأسلحة المضادة للدبابات والطائرات . أما فيما يتعلق بانعكاسات هذه التصرفات بالشرق الأوسط فقد تحدث عنها تشرشل فقال : "الثابت أن هيبتنا ستتأثر إلى حد بعيد في تلك المنطقة إذا طردنا من البر اليوناني بصورة مذلة . ومهما يكن الأمر فإن تضحياتنا ستكون أقل فيما إذا فضلنا القتال والكفاح في اليونان على ترك هذه البلاد لمصيرها وحيدة دون مساندة".

أما الخطوط الدفاعية الرئيسية هناك من مثل خط ماتكساس وخط الياكمون فقد خرقت من قبل الجيش الألماني وتجاوزتها قواته المسلحة . فانهار الجيش اليوناني تحت وطأتها . وليس غريبًا أن يوفق الألمان إلى تحقيق مثل هذا النصر السريع لأن تفوقهم في الرجال والسلاح والطائرات كان تفوقًا ساحقًا . لقد كانوا يملكون عشر طائرات مقابل طائرة واحدة لليونانيين . وأرغم الجيش اليوناني على الاستسلام أما البريطانيون فقد أخذوا يتراجعون وقد تركوا وراءهم فرقًا كثيرة لتخوض معارك عنيفة ضد المهاجمين الألمان ، تتيح الفرصة للجيش الإنكليزي في أن يغادر البر اليوناني .

تم استسلام الجيش اليوناني في 24 أبريل أي بعد 18 يومًا من بداية العمليات الحربية ضده . وقد طلب الجيش من الإنكليز أن ينسحبوا من البلاد للحيلولة دون تهديمها . وهنا بدأت دنكرك جديدة تظهر في موانىء اليونان الجنوبية وشواطئها . واستطاع الإنكليز أن ينقذوا أكثر من 80 في المائة من قواتهم العسكرية. ولا سيما عبر موانىء البيريه ، نويلي ، ميقارا، مونمقازيا، وموانىء أخرى في المنطقة وفي 2 مايو ، عندما وصلت القوات النازية إلى الشاطىء كان قد تم نقل 43 ألف رجل من رجال البعثة العسكرية الإنكليزية .

 

 

الصفحة الرئيسية